أزمة الازدواجية في العمل الدبلوماسي الفلسطيني ( 1994 - 2010م) "تقرير جولدستون أنموذجا"

الملخص

كان نشاط الدبلوماسية الشعبية الفلسطينيّة سابقا لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية ككيان سياسي فلسطيني مستقل تم تجسيده وتثبيته بعد مرحلة من النضال الفلسطينيّ العسكري والدبلوماسي استطاع خلالها أن يحقق إنجازات مختلفة على صعيد تثبيت الحقوق الفلسطينيّة وترجمة ذلك دبلوماسيًا عبر انتزاع قرارات دولية تعترف بالهوية السياسية للشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.  ومع توقيع اتفاقية أوسلو في العام 1993م وإنشاء السلطة الفلسطينيّة كذراع يدير شؤون الشعب الفلسطينيّ على أرض فلسطين، شهد النظام السياسي الفلسطينيّ حالة تحول على مستوى الخطاب الرسمي من ناحية وآليات إدارة الوضع الفلسطينيّ من ناحية أخرى، ما قلص من دور الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينيّة بشكل خاص، واللجنة التنفيذية للمنظمة بشكل عام. الأمر الذي أدى إلى حالة من الازدواجية في شكل اتّخاذ القرار الدبلوماسي وصياغة الخطاب الرسمي، على نحو أدى إلى تشتت وإضعاف الدبلوماسية الفلسطينيّة بشقيها الرسمي والعام، خاصة في ظل ظهور قوى سياسية في الساحة الفلسطينيّة ذات خطاب مختلف عن خطاب منظمة التحرير الفلسطينيّة مثل حركة حماس، وفتحها لعلاقات وقنوات إتصال مع قوى إقليمية خارج إطار علاقات منظمة التحرير الرسمية ومواقفها السياسية، وما رافق ذلك من حالة فرز وتجييش وصل حد حدوث انقسام سياسي أضر بشكل كبير في وحدة وتماسك الصف الفلسطيني وخطابه الوطني وتموقعه في الخارطة السياسية العربية والدولية، ما ألحق ضررا بقدرة الدبلوماسية الفلسطينية في التعبير عن نفسها وايصال مواقفها الرسمية بكفاءة والدفاع عن مصالحها الوطنية، وتراجع قدرتها في حشد وتحريك الجماهير وتفعيلهم في إطار النشاط الدبلوماسي العام لخدمة الموقف الوطني الرسمي. وقد ظهرت انعكاسات هذا التّراجع والتشتت في المشهد الفلسطيني جليًا بعد طلب قيادة السلطة الفلسطينية تأجيل التصويت على تقرير غولدستون وذلك في ظل واقع داخلي وعربي شائك ومعقد ومناخ دولي خاضع للقوى ذات الأهداف الإستعمارية التي تتناقض ومبادئ التحرر الوطني وحق الشعوب في تقرير مصيرها.