دور الاقتصاد العالم في طمس الهويات المحلية وردود فعل الجماعات الترابية : مقاربة جغرافية من خلال المثال التونسي

Résumé

الملخص

تسبّبت العولمة  في تغيير ملامح التنظيم المجالي داخل الأقطار، من ذلك طمس الحدود الإدارية في المعاملات الاقتصادية وتفضيل المجالات الحيوية للاستثمار(بالخصوص سواحل البحار والمحيطات)، وتمّ في مقابل ذلك " تهميش" مجالات و" إقصاء" أخرى من اهتماماتها الشيء الذي زاد في تفاقم الفوارق المجالية والاجتماعية. 

في تونس ( وكما في المغرب) شهدت المجالات الساحلية منذ القديم تطوّرا اقتصاديا ، تدعم مع الاستعمار الفرنسي وحتى في مرحلة الاستقلال بواسطة السياسات الاقتصادية المطبقة من قبل الدولة. ومقابل ذلك استمرّت المجالات الداخلية تعيش تأخرا اقتصاديا ( رغم بعض التحسّن) وتواضعا في مستوي عيش سكّانها، بل أصبح شبه مقصيه من اهتمامات الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي .وضعية صارت أكثر تعقيدا بعد تخلي الدولة عن الاستثمار المباشر في القطاع الاقتصادي على إثر " الإصلاح الهيكلي " سنة 1986 وتراجع دورها في التدعيم الاجتماعي وترك المبادرة للقطاع الخاص المحلي والأجنبي في إطار العولمة التي تعد ( إلى جانب  عدم اعترافها بالسلم التراتبي الإداري في المعاملات الاقتصادية ) ظاهرة انتقائية  للمجال وعاملا من العوامل  المدعّمة  للفوارق المجالية والاجتماعية (على مستوى العالم وداخل القطر الواحد) ومهدد ة للهويات المحلية بالاندثار.

 أمام تفاقم التباينات بين المجالات الساحلية  التي تشهد  ديناميات  متعدّدة مدعّمة بظاهرة الحوضرة والمجالات الداخلية المهمّشة والمقصية أحيانا ، ظهر توجه  جديد لتنظيم المجال ولبناء التراب ( تدعمه أطراف خارجية في مقدمتها البنك العالمي) يهدف إلى تحقيق التنمية في إطار اللاّمركزية والحوكمة بالاعتماد على الجماعات المحلية في مقاييسها الإدارية الثلاث - البلدية، الجهة (أو الولاية) والإقليم-. نتعرض في هذه المداخلة إلى المقاربة النظرية لتصور الجغرافيين للمستوى المحلى كسلطة أكثر كفاءة

لتحقيق التنمية والإنصاف الترابي والعدالة الاجتماعية من المستوى السياسي الإداري الأعلى (أو المركزي) ثمّ التعرض إلى كيفية اعتماد هذا التمشي في تنظيم المجال وبناء التراب في البلاد التونسية (رغم حداثة التجربة).