مشروع رقمنة التراث المخطوط بالأطلس الصغير:البدايات والآفاق

الملخص

        اشتهرت قبائل الأطلس الصغير باحتضانها للعديد من المدارس العلمية العتيقة، تخرج منها أفواج من الفقهاء والعلماء، الذين بفضلهم ازدهرت حركة الإنتاج والتأليف في مجالات متعددة شملت التدريس والتوثيق والنسخ والإفتاء والقضاء وتدوين المعيش اليومي للإنسان بهذه الرقعة الجبلية من الصقع السوسي، تشكلت من خلالها أرصدة هائلة من الوثائق والمخطوطات، التي عملت الأسر بهذه الجبال على تخزينها وحفظها في البيوت والمخازن الجماعية عبر تقنيات ووسائل تقليدية متعددة ومتنوعة، ساعدت على حمايةأغلبها من التلف والإندراس.

لكن التحولات والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفتها المنطقة،جعلت هذا التراث المكتوب يئن تحت وطئة جملة من المخاطر والآفات. مما يستلزم تظافر جهود الباحثين لإنقاذه، أولا بنشر ثقافة الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الجبلي المكتوب، وثانيا بتوظيف التقنيات الحديثة في مجال الرقمنة لحفظ نصوص الوثائق والمخطوطات وتخزينها وتنظيمها وإتاحتها للباحثين والمهتمين بدراسة التراث المكتوب وتحقيقه.

واستحضارا لأهمية الرقمنة في الحفاظ على هذا الصنف من التراث، سينصب اهتمامنا في هذه الورقة البحثية على التعريف بمشروع رقمنة التراث المكتوب بحوض أملن بجبال الأطلسالصغير عبر مراحله الثلاث، بدء بمبادرات المجتمع المدني في تصوير ورقمنة الوثائق المحلية لحوض أملن، مروراً بمرحلة التحري الميداني للطلبة الباحثين في سلكي الماستر والدكتوراه، وانتهاء بمرحلة توظيفها في البحث الأكاديمي، من خلال إعداد أطروحة جامعية ترتكز في شقها التطبيقي على رقمنة الوثائق المحلية لهذا المجال، وتصنيفها وتنظيمها في قاعدة بيانات رقمية.